قصة وحكاية: • قصة للأطفال: حكاية لا نهاية لها

حكاية من كتاب أوزبورن للحكايات الخيالية

كان أورلاندو يعيش بجانب البحر، وكان البحر صديق أورلاندو الوحيد، يسير على شاطئه، ويجلس على رماله، ينظر إلى الأمواج، ويستمع إليها.

وذات يوم، كان أورلاندو يسير كعادته، كان ينظر إلى صخور الشاطئ، والشمس تغيب داخل البحر. وهناك، على إحدى الصخور، كانت عروسة البحر جالسة تمشط شعرها الطويل، وفجأة وجدت أورلاندو يقف أمامها، وينظر إليها في آخر ضوء للشمس، فقفزت عروسة البحر إلى الماء، وقالت لأورلاندو:

- أيها الإنسان، لقد استطعت أن تشاهدني في آخر ضوء للشمس، لا تخبر أحدًا إنك شاهدتني، ولك عندي أمنية أحققها لك. خذ هذا المشط، وعد غداً في هذا الوقت نفسه، ضع مشطي في ماء البحر، ومشط أمواجه، وسوف أظهر لك ثانية، وأحقق لك ما تتمناه.

وغاصت عروسة البحر في الماء، وغابت مع ضوء الشمس، وسار أورلاندو يفكر في هذه الحكاية المدهشة التي حدثت له.

كان أورلاندو يستمع إلى حكايات البحارة عن البحر، كان يستمع فقط، فلم يكن لديه ما يحكيه مثلهم، أما الآن...، وبدلاً من أن يفكر أورلاندو في أمنيته التي ستحققها له عروسة البحر، سار يفكر كيف سيدهش البحارة بحكايته هذه.

كان البحارة يجلسون كعادتهم كل مساء يقضون وقت فراغهم في حكي حكاياتهم عن البحر، ما شاهدوه بأعينهم، وما سمعوه من آبائهم، والبحارة القدامى. وأقبل أورلاندو، وجلس يستمع، وحينما انتهى البحارة من حكي حكاياتهم، اندفع أورلاندو دون تفكير مُلَوِّحاً بمشط عروسة البحر قائلاً:

- أنا أيضاً أعرف حكاية مدهشة.

ونظر إليه البحارة ساخرين، فقال أورلاندو:

- لقد شاهدت عروسة البحر، وهذا مشطها، وغدا سوف تحقق لي أمنية.

وتعالت ضحكات البحارة على أورلاندو، فقال:

- تعالوا غداً معي، وسوف ترون.

وفي اليوم التالي، ذهب أورلاندو إلى المكان نفسه، وخلف أحد قوارب الصيد، كان البحارة يختبئون. وقبل آخر ضوء للمغيب، وضع أورلاندو المشط في البحر، وأخذ يمشط الأمواج، حتى ظهرت عروسة البحر خارجة من الماء، وما إن وصلت إلى الصخرة، حتى أسرع البحارة وأحاطوا بها، وأخذ كل منهم يصيح:

- أيتها العروسة الطيبة، حققي لي أمنية.. حققي لي أمنية.

وفجأة تعالى هديرٌ صاخب، واندفعت الأمواج، وابتلعتهم جميعاً.

وفي مملكة الأعماق، وقف أورلاندو والبحارة أمام نبتون ملك البحر وحوريات الماء. وقال نبتون بصوته المهيب:

- لقد حاولتم أن تأسروا عروسة البحر، كيف تجرؤون!

ولم يستطع أورلاندو أو أي من البحارة أن يرد.

فقال نبتون:

- لن أطلق سراح أي منكم حتى يحكي لي حكاية لانهاية لها.

وراح كل من البحارة يحكي حكايته، ولكن لم يستطع واحد منهم أن يحكي حكاية لا نهاية لها. وأخيراً جاء دور أورلاندو. وكان عليه أن يفكر ماذا يحكي؟ فَكَّرَ أورلاندو: ماذا يعرف غير البحر وجولاته على رمال الشاطئ.

ثم بدأ يحكي حكايته..

قال أورلاندو:

- ذات يوم، قرر رجل أن يجعل رمال الشاطئ تبدو أكثر لمعاناً، فالتقط أول حبة رمل أمامه وأخذ في تلميعها، ثم أخذ حبة ثانية وأخذ في تلميعها، ثم أخذ حبة ثالثة وأخذ في تلميعها..

واستمر أورلاندو يحكي كيف أخذ الرجل يلمع حبات الرمل واحدة فواحدة، حتى وصل إلى حبة الرمل الخامسة والستين بعد المائتين، حينئذ قال نبتون:

- حسنا، هذا يكفي، سوف أطلق سراحك.

ولَوَّحَ بِرِمحه العظيم ذي الأسنة الثلاثة، فاختفى أورلاندو عائدًا إلى شاطئ البحر.

وهكذا، لم تتحقق لأورلاندو أمنية، ولم يشاهد عروسة البحر ثانية.

أما البحارة، فقد قال لهم نبتون:

إنكم لم تستطيعوا أن تحكوا لي حكاية لا نهاية لها. حسنًا، سأحكي أنا لكم واحدة.

وأخذ نبتون يحكي لهم من جديد حكاية أورلاندو عن الرجل الذي قرر أن يلمع حبات الرمل، واستمر يحكي لهم ويحكي، بلا نهاية.

لقد كان جزاء البحارة حكاية لا تنتهي أبدًا. أما حكايتنا هذه، فهي مثل كل الحكايات الجميلة، لها نهاية، وقد آن لها أن تنتهي.

فيليب هثورن

إقرأ أيضاً:

قصة للأطفال: الديك الأصلع والفيل

قصة مخيبة: الطبلة والعصا