الصفحات

السبت، 27 مايو 2023

• قصة للأطفال: براعم الخيزران


حكاية من اليابان

الخيزران نبتة استوائية مدهشة، لها ساق خفيفة، ومتينة، ومرنة، وجديرة بكل الاستعمالات: عصا طويلة للبهلوانيين، وخيزرانة للرعاة، الخيزران ينثني مطواعًا على شكل سلة، وحصيرة، ووعاء، بل وحتى طبل، من بعض القطع، يصنع أثاث، وبأخرى، في اليابان، وفي الصين، يبنون قرى كاملة.

هناك نوع فريد، بكوري ومليء، يسمونه (خيزران موزو). ويعود في اسمه لشخص اسمه موزو، عاش في الصين منذ زمن بعيدًا جدًا، هاهي حكاية موزو، مثلما وصلتنا من القرون الماضية.

موزو، اليتيم الأب، عاش وحيدًا مع أمه التي أحبها حبًا جمًا، كان موظفًا في الأشغال العامة، كاتبًا مثاليًا رائع الخط، وكان الجميع يقدرونه لتواضعه ونخوته. كان في أوقات فراغه يتردد إلى الريف لجمع نوع خاص من الخيزران، الذي شكل براعمه الكبيرة والغضة أكلة فاخرة، وكانت أمه مولعة بها.

حدث مرة أن أمه لم تستطع تناول وجبة واحدة إذا لم يكن الطبق الأول، براعم الخيزران الطرية، ظل موزو يرتاد الحقول، والغابات، صيفًا وشتاءً، ليحضر لأمه تلك البراعم التي تفضلها.

(آه يا ولدي، قالت، إن فاتني أكل هذه البراعم، أنا التي لم أعد أستسيغ طعم شيء منذ وفاة والدك، أظن أني سأسلم الروح!).

وبقي موزو يبحث في الريف، ويستكشف الحقول والمروج وأطراف الغابات، ويجلب لأمه كل يوم براعم الخيزران التي تحبها.

ولكن، تلك السنة، في مملكة وو، كان الشتاء شديد القسوة بشكل غير معهود، هطل الثلج بغزارة، وتجمدت الأرض، وتردد موزو، أكثر من أي وقت مضى، إلى الحقول والغابات، ونبش براعم الخيزران في أماكن ما كان يتسنى لأحد غيره أن يجدها. كان يقطفها من تحت أركمة الثلج التي كونتها الرياح، ومن حفر الغابات، ومن كل مكان، ولكن، ذات مساء، عاد إلى البيت خاوي اليدين، أبت أمه أن تأكل، وفي الأيام التالية، كان موزو يعود بخفيّ حنين، يائسًا:

(بذلت جهدي يا أمي، ذهبت شمالاً وجنوبًا، وشرقًا وغربًا، ولكن طالما استمر هذا الثلج، لن أستطيع إحضار براعم الخيزران التي تحبينها. أرجوك، ارضي وكلي).

لكن أم موزو لم تكن ترد، رفضت أن تتغذى، أبت أن تأكل أو تشرب، وراحت تذوي، كانت السماء زرقاء، باردة، قاسية لا تلين، وتجمد الريف كله من الثلوج، عندئذ، ذات صباح، بعد أن كاد ييأس، التفت نحو السماء متضرعًا:

(منذ سنوات، صباح مساء، من الشمال إلى الجنوب، ومن الشرق إلى الغرب، فتشت في كل مكان عن براعم الخيزران، لم يفت يوم إلا وجلبت لها منها كي لا تموت، واليوم لا أستطيع أن أجد برعمًا واحدًا).

كان يلوي يديه، مرهقًا، وعيناه صوب الحديقة أمام المنزل، حيث يمتد الثلج قارس البرد، غير مبال بحزنه.

في تلك اللحظة، بينما كان راكعًا، متضرعًا إلى السماء، لمح على البساط الأبيض ثلاثة براعم بنفسجية تخترق هامة الثلج، ثلاثة براعم خيزران! قطفها، وأحضرها إلى أمه، أكلت وشربت، ونجت. منذ ذلك الحين، يسمون هذا الخيزران في اليابان، كما في الصين (خيزران موزو). إنه رمز البر بالوالدين.

 هنري برونل / ترجمة: محمد الدنيا

إقرأ أيضاً:

قصة للأطفال: النهر صديقي

قصة للأطفال: كيف تكتب قصة؟

قصة للأطفال: أمير الحواديت

قصة سرقة: راعي البقر ينتقم من المحتالين

قصة للأطفال: أسدان أحدهما نباتي

للمزيد              

حدوثة قبل النوم قصص للأطفال

كيف تذاكر وتنجح وتتفوق

قصص قصيرة معبرة

قصص قصيرة معبرة 2

معالجة المشكلات السلوكية عند الأطفال والطلاب

قصص قصيرة مؤثرة

الإدارة الصفية: 7 مقالات في الإدارة الصفية

إختر مهنتك: تعرف على المهنة التي تناسبك من بين جميع المهن

استراتيجيات التدريس دليل المعلم للتعلم النشط

مراهقون: مشاكل المراهقين وأساليب التعامل معهم

تربية الأبناء والطلاب

مواضيع حول التنمية البشرية وتطوير الذات

أيضاً وأيضاً

قصص وحكايات

الغزل: أبحاث ومقالات عن شعر الغزل العذري والإباحي في كل العصور

شعراء: نبذة عن حياة شعراء عرب في كل العصور

الطاقة: مقالات وأبحاث عن الطاقة بكل أنواعها

تلوث ونفايات: مقالات وأبحاث حول تلوث البيئة والنفايات

كوارث طبيعية: مقالات وأبحاث عن الزلازل والبراكين والفيضانات وغيرها

مسلسلات: نقد وتحليل مسلسلات عربية وتركية

 

 

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق