سألَ الرجلُ الدرويش: «ولماذا لا تأتي لزياتي كثيرا»؟، فأجابه الدرويش: «لأن سؤالك لماذا لا آتيك كثيراً، أحب إليَّ من قولك، ما الذي أتى بك إليَّ مرة أخرى»؟
استطاع الأشوريون لعدة قرون أن يحكموا أجزاء كبيرة من آسيا بقبضة من حديد، لكن في القرن الثامن ق. م. ثارت ضدهم الجموع في ميديا (في شمال غرب إيران الحالية) ، واستطاع أخيراً شعب ميديا الحصول على الاستقلال، ولكن خوفا من الخضوع مرة أخرى لحكم طاغية قرروا أن لا يعطوا كل السَّطوة لرجل واحد، وأسسوا إمارة دون فائد. ودخلت البلاد في الفوضى وتَفَتَّتْ إلى ممالك صغيرة، وأصبحت كل قرية تحارب ضد أخرى.
في
إحدى هذه القرى كان يعيش رجل اسمه ديوسيس اشتهر بين الناس بالعدل والقدرة على
تسوية النزاعات.
في
هذا الوقت كان الفساد منتشراً ولم يكن أحد يثق برفع قضيته إلى المحاكم، وكان الناس
يأخذون حقوقهم بالقوة، وحين ذاعت الأخبار عن حكمة ديوسيس واستقامته وعدم تحيزه
لأحد أصبحت كافة قري مدين تحتكم إليه في كافة أنواع القضايا، وأصبح الوسيط الوحيد
للعدل في أنحاء البلاد وعلت سطوته.
في
ذروة سطوته شعر ديوسيس فجأة أنه قد فاض به، ولم يعد يرغب بالجلوس في كرسي القضاء
ليجري أي محاكات بين قرية وأخرى أو أن يحلّ أي نزاعات بين الأخ وأخيه. تقاعد لأنه
رأى أنه يقضي كل وقته في حل مشكلات الآخرين ولا يجد ما يكفي لمتابعة شئونه الخاصة،
ومع غيابه المفاجئ دخلت البلاد مرة أخرى في الفوضى وارتفعت الجريمة ووصل احتقار
الناس للقانون إلى درجة غير مسبوقة، واجتمع الميديون من كافة القرى ليقرروا ما قد
يفعلون لمواجهة هذه المحنة. قال أحد زعماء القبائل «لن يحتمل أحد أن يعيش في هذه
البلاد في ظروفها الحالية، فدعونا نرشح أحد كبرائنا ليحكم حتى نعيش في ظل حكومة
منظمة بدلاً من أن نخسر مواطنينا جميعا وسط هذه الفوضى».
وهكذا
وعلى الرغم مما عاناه شعب ميديا من الطغيان تحت حكم الأشوريين، قرروا إنشاء إمارة
واختيار ملك، وكان الرجل الذي اختاروه بالطبع هو العادل ديوسيس. كان من الصعب إقناعه
لأنه كان قد ضاق بحل النزاعات بين القرى لكن الميديين توسلوا إليه، فبدونه انزلقت
البلاد إلى حالة انعدام القانون...
في
النهاية وافق ديوسيس ولكن بعد أن وضع لهم شروطاً؛ كان عليهم أن يبنوا له قصراً
كبيراً يحيطونه بالحراس وأن تقام له عاصمة حَكَمَ من خلالها، ومنحوه ما طلب. استقر
ديوسيس في قصره وسط عاصمته تحيط به أسوار تمنع العوام من الوصول إليه، وأسس قواعد
لحكمه تمنع الدخول إليه وكان التواصل معه يتم فقط من خلال حاجب ولم يكن رجال
حاشيته يستطيعون مقابلته إلا مرة كل أسبوع وبعد أن يسمح لهم بذلك.
حکم
ديوسيس خمسة وثلاثين عاماً توسعت فيها الإمبراطورية الميدية ووضع أساساً لما أصبحت
فيما بعد الإمبراطورية الفارسية التي بناها أحد أحفاد أحفاده هو سيروس، أثناء حكم
ديوسيس تحول احترام الشعب له إلى نوع من العبادة: فلم ينظروا إليه كإنسانٍ فانٍ،
بل سليلاً للآلهة.
المصدر: THE 48 LAWS OF POWER, ROBERT GREEN
إقرأ أيضاً:
للمزيد
معالجة المشكلات السلوكية عند الأطفال والطلاب
الإدارة الصفية: 7 مقالات في الإدارة الصفية
إختر مهنتك: تعرف على المهنة التي تناسبك من بين جميع المهن
استراتيجيات التدريس دليل المعلم للتعلم النشط
مراهقون: مشاكل المراهقين وأساليب التعامل معهم
مواضيع حول التنمية البشرية وتطوير الذات
أيضاً وأيضاً
الغزل: أبحاث ومقالات عن شعر الغزل العذري والإباحي في كل العصور
شعراء: نبذة عن حياة شعراء عرب في كل العصور
الطاقة: مقالات وأبحاث عن الطاقة بكل أنواعها
تلوث ونفايات: مقالات وأبحاث حول تلوث البيئة والنفايات
كوارث طبيعية: مقالات وأبحاث عن الزلازل والبراكين والفيضانات وغيرها
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق