قصة وحكاية: • قصة للأطفال: آلة الفارابي الموسيقية العجيبة

الفارابي

كان الأطفال مجتمعين حول جدهم ليستمعوا إلى إحدى حكاياته الحكيمة، بينما كانت السماء صافية، وكان الأطفال يلمحون السماء من فوقهم، المرصعة بآلاف النجوم المتلألئة، وكأنها القناديل المعلقة في السماء، والتي كان يتوسطها القمر، وتحيط به كإحاطة السوار بالمعصم وكان الظلام يخيم على المدينة، ويلفها بأثوابه السوداء.

ولم يعكر هذا السكون العميق إلا صوت زقزقة العصافير وأصوات الطير الآتية من بعيد. وكلمات الراوي الشيخ، الذي بدأ في هذا المساء، يحكي لأحفاده الصغار الحكاية الجديدة، التي وعدهم بأن تتناسب مع هذا المساء الصيفي الجميل، فقال:

كان يا ما كان، كان في ذات يومٍ من الأيام في زمان غير بعيد كثيرًا عن زماننا هذا. فقد كان هناك آلة موسيقية عجيبة صنعها فيلسوف العرب والمسلمين الفارابي.

أحد الأطفال: جدي يا جدي، ومن هو الفارابي هذا، صاحب هذه الآلة الموسيقية وصانعها؟

الجد الشيخ: الفارابي هو: أبو نصر، محمد بن محمد الفارابي، المعروف بلقب: «المعلّم الثاني» وهو أكبر فلاسفة العرب والمسلمين في عصره، حوالي الثلث الأول من القرن الرابع الهجري، الموافق لمنتصف القرن العاشر الميلادي.

أحد الأطفال: جدي يا جدي ومن هو المعلم الأول، إذا كان الفيلسوف الفارابي هو المعلم الثاني؟

الجد الشيخ: المعلم الأول يا أحفادي الأعزاء، هو الفيلسوف اليوناني العظيم أرسطو.

أحد الأطفال: جدي يا جدي، ولماذا سمي الفيلسوف أبو نصر الفارابي المعلم الثاني؟

الجد الشيخ: لقد عُرف الفيلسوف أبو نصر الفارابي بالمعلم الثاني، لأنه وبسبب معرفته الطيبة باللغة اليونانية، فقد شرح مؤلفات الفيلسوف اليوناني العظيم أرسطو، المعروف بلقب: المعلم الأول.

أحد الأطفال: جدي يا جدي، ولكن ما هي حكاية آلة الفيلسوف الفارابي الموسيقية العجيبة، احكها لنا رجاء يا جدي.

الجد الشيخ: لقد كان يا أحفادي الأعزاء، بلاط الأمير سيف الدولة الحمداني أمير حلب في ذلك الوقت، يقصده العلماء والشعراء والأدباء والفلاسفة والموسيقيون.

وحدث ذات يوم أن حضر الفيلسوف الفارابي لزيارة الأمير سيف الدولة الحمداني، وكان عنده مجموعةٌ من الموسيقيين. وعندما قام كل موسيقي بعرض آلته والتعريف بها، والعزف عليها، كان الفيلسوف الفارابي، يكلم كلَّ واحد من الموسيقيين عن عمل آلته، ويدله على طريقة أفضل لعملها والعزف عليها، ببراعة وإبداع وإتقان يفوق عمل صاحب كل آلة من الآلات الموسيقية التي عرضت على الأمير.

وهنا بادر الأمير سيف الدولة الحمداني وسأل الفيلسوف الفارابي، وقال له: أيّ الآلات التي سمعت عزفها، تتقن العزف عليها أكثر من غيرها يا فارابي؟

الفارابي: إني يا سيدي الأمير أتقن العزف عليها جميعًا ودون استثناء.

الأمير سيف الدولة الحمداني: وأية آلة منها تختار يا فارابي لتسمعنا عزفك الموسيقي الجميل؟

الفيلسوف الفارابي: وما حاجتي يا سيدي الأمير إلى أي آلة من آلات هؤلاء الموسيقيين، لأعزف عليها، وعندي آلتي الموسيقية العجيبة الخاصة بي.

الأمير سيف الدولة الحمداني: وهل عندك آلة موسيقية عجيبة، وخاصة بك يا فارابي؟

الفيلسوف الفارابي: نعم، وهي موجودة معي، وأستطيع العزف عليها بالحال.

الأمير سيف الدولة الحمداني: تفضل أيها الفيلسوف والموسيقي، أسمعنا موسيقى عزفك الجميل!

وهنا أخرج الفيلسوف الفارابي بضعة عيدان، بأطوال مختلفة، وركبها بطريقة خاصة، ثم أخذ يعزف عليها فأبكى الحضور جميعًا.

وتوقف الفارابي قليلاً عن العزف، ثم أعاد تركيب عيدان آلته الموسيقية العجيبة بطريقة خاصة وجديدة ومختلفة عن المرة الأولى، وبدأ العزف عليها فأضحك الجميع بمن فيهم الأمير.

وتوقف الفيلسوف الفارابي عن العزف من جديد، ثم أعاد تركيب عيدان آلته الموسيقية العجيبة بطريقة خاصة وجديدة ومختلفة عن المرة السابقة. وبدأ يعزف عليها لحنًا جميلاً جعل الحاضرين تهدأ نفوسهم، وتتعانق مع اللحن، حتى ناموا جميعًا بمن فيهم هذه المرة الأمير سيف الدولة والحراس. وعلى الفور أخذ الفارابي آلته الموسيقية العجيبة وغادر مجلس الأمير بعد أن تركهم جميعًا نيامًا.

وطار الطير وأسعد الله مساءكم بالخير.

إقرأ أيضاً:

قصة فكرة: ملك الفرس يتجسس على رجاله

قصة مثل: طُبّ الجرة عاتمّا بتطلع البنت لَإِمّا

قصة حرب: الألمان يقصفون الأبقار

قصة للأطفال: الشيخ العجيب

قصة حرب: القائد الذي حفر قبره بيديه

للمزيد

حدوثة قبل النوم قصص للأطفال

كيف تذاكر وتنجح وتتفوق

قصص قصيرة معبرة

قصص قصيرة معبرة 2