الصفحات

السبت، 19 نوفمبر 2022

• قصة للأطفال: جِلْدُ الدُّبِّ


مَنْ خَرَّبَ الْقَرْيَةَ

حَلَّ المساءُ وانتشرت العتمةُ، وكان اليوم التالي يومَ عطلة مدارس الأطفال، لذا فإن أطفالَ العائلة تَجَمَّعوا حول جدهم الكبير وطلبوا منه أن يقصَّ عليهم حكايةً، ابتسم الجد.. وعلّق: شرط ألا يغفو أحدكم ثم قال: سأحكي يا أطفال لكم حكايةً سمعتُها من جَدِّي، وجَدِّي كما ذَكَرَ سمعها من جَدَّتِهِ.

علّق سامر: أي أنها قديمةٌ جداً يا جدو.

أجاب الجدُ: نعم يا أعزائي.. الحكاية قديمة جداً، لكن مغزاها ومعناها يفيدان في أي زمن.. بما فيه زمننا الحاضر.

صَاحَ الأطفالُ بصوتٍ واحد.. بعد أن وضعت امرأةُ عمهم أكوابَ وإبريق الشاي أمام الجدّ: تَوَكَّل على الله يا جدنا.. واروِ لنا تلك الحكاية.

تَنَحْنَحَ الجدُّ بعد أن رَشَفَ رشفاتٍ قليلةً من كوب شايه.. وقال: دعونا نطلق على الحكاية اسم «جلد الدب». ضحك الأطفالُ وكرّروا الاسم «جلد الدب».. «جلد الدب» مرات عدة.. ثم علّقوا: حكاياتك مفيدة ومشوقة دائماً، فأسمعنا حكاية «جلد الدب» هذه حفظك الله.

رشف الجدُ شايَه مرة أخرى.. واستغرق في التفكير والتذكر ثم قال: باختصار.. يا أحبائي.. كانت هناك في الزمنِ القديم قريةٌ تقع على تلٍ غير مرتفعٍ كثيرًا، تحيط بها البساتينُ والكرومٌ والسهولُ من جهاتها الأربع، حباها الله بينابيعَ كانت مياهها لا تنقطع شتاًء ولا صيفًا، وكان ناسُها كأهل القرى جميعهم يتعاونون في أحيان ٍكثيرةٍ، ويختلفون في بعض الأحيان، إلى أن حدث ذاتَ يوم.. تململ الأطفال.. وعدلوا من جلساتهم.. وزادوا من تحديقهم والاقتراب من جدهم أكثر. عاد الجد إلى التفرّس بوجوههم واحداً تلو الآخر.. وعلّق: ياه.. جميعكم في غاية الإصغاء واليقظة، بوركتم.. يا أحبائي.. بوركتم.. أضاف: ذات يوم اكتشف مالك أحد كروم العنب في الجهة الشمالية من القرية أن عناقيده ناقصة وأصابَ بعضَها التخريبُ والتلفُ، أو الرّمي في هذه الجهة أو تلك.. حتى قبل أن تنضج. شكّ الرجلُ بمن هو على خلاف معهم من أهل القرية، إلا أنه أخبر جيرانه بما رأى، وأخذ الحذرُ والاحتياطُ والهمسُ يلفُّ القريةَ كلها بعد ذلك: هناك من يخرّب كرومنَا وبساتيننَا وأرزاقنَا. ثم تكرّر التخريب ثانية وثالثة ورابعة في كروم وبساتين أخرى.. وفي جهات عدة من القرية.

أكمل الجدُّ: ازداد الخوفُ.. والترقبُ والحيطةُ والحذرُ من قبل ناس القرية جميعهم، وبدأوا بإخراج ما لديهم من عصي، وسكاكين وبنادقَ صيدٍ، وتوزعوا في الليالي المقمرة وغيرِ المقمرة للحراسة والمراقبة، إلى أن صاح أحدُهم في ليلة مقمرة: يا سامعين الصوت.. يا أهل قريتنا.. لقد رأيته.. ومرَّ بالقرب من مخبئي.. إنه دبٌ كبيرٌ، هو من يُخَرِّبُ ويُدَمِّرُ أرزاقنا وكرومنا وبساتيننا. علّق بعض الرجال العقلاء يومها يا أحبائي الصغار: دبّ أو عدة دببة، ضبع أو ذئب أو ثعالب عدة.. المهم ألا يكون واحداً منا! إلى أن كان ذات يوم.. كما روى جدي عن جدته يا أطفال.. خرج بعضُ رجال وشبان الحارة الشمالية واختبأوا في الحقل والكروم والبساتين، كذلك فعل رجالُ وشبانُ الحارة الجنوبية انتظاراً لقدوم الدب، وبينما كان شابان من الطرفين يتجادلان حول الدبّ وكيفية مواجهته، بعد أن قتل ودمَّرَ وعاث فساداً في ديارهم، وحوَّل حياتهم إلى جحيم، ذكر ابن الحارة الشمالية انه سيحَّول جلد الدب الى معطف شتوي له.. إذا ما تغلب عليه. في حين ان ابن الحارة الجنوبية.. ذكر انه سيعلق الجلد على باب بيته ويجعله عبرةً ومزارًا لمن يريد، دليلًا على قوته وبأسه! ثم اشتبكا معاً بعد ان أصرَّ كل منهما أنه أولى بجلد الدب.

علَق الأطفال مستنكرين:.. وماذا.. وماذا؟

ردَّ الجدُّ مستنكراً أيضاً.. هذا ما حصل يا أحبائي.. كما تقول الحكاية، وبعدها فإن أهالي الحارة الشمالية أيَّدوا شابهم المغتر بنفسه، في حين أن أهالي الحارة الجنوبية ردوا وأعلنوا أنهم يؤيدون ويدعمون الشاب من حارتهم.. بل واشتبكوا بعضهم مع بعض!

تطور الأمر إلى عراك ونزال بين الطرفين.. كما تقول الحكاية، وكل فريق يدَّعي أنه أولى بجلد الدب من غيره! عندها فإن رجالاً عقلاء كباراً في السن خرجوا من بينهم.. وصاحوا صيحة رجلٍ واحد بهم: ماذا بكم يا أهل هذه القرية.. هل جننتم.. وهل الخوف والتعب والإرهاق والقتل شَلَّ تفكيركم، لقد كنتم تتعاونون في الشدائد جميعكم، وهأنتم تظهرون أنانية وتَعَصُّباً غريبين عليكم؟!

صاح الأطفال.. بابتهاج: بارك الله بهم أولئك الرجال الحكماء.

عَلَّقَ الجد: لم يكتفوا بذلك القول فقط.. وزادوا: ماذا حصل لعقولكم؟ وهل اصطدتم الدب فعلاً كي تختلفوا على من سيملك جلده؟!

أضاف الجد: ومن يومها فإنه أُضيف إلى بقية الأمثال، مثل جديد يا أحبائي «يختلفون على من يملك جلد الدب وهم لم يصيدوه بعد»!.

صفق الأطفال وصاحوا بحماسة:

بارك الله بك يا جدّو ومَدَّ في عمرك.. «وصحَّ لسانك».

تابعونا على الفيسبوك

مواضيع تهم الطلاب والمربين والأهالي

حكايات معبّرة وقصص للأطفال

www.facebook.com/awladuna

إقرأ أيضاً

قصة وعبرة: قسمة حق

قصة للأطفال: الجار للجار

قصة للأطفال: الكرة النّطّاطة

قصة للأطفال: جميلة والقمر

إسحق عدوك بأن تجعله صديقك

للمزيد              

حدوثة قبل النوم قصص للأطفال

كيف تذاكر وتنجح وتتفوق

قصص قصيرة معبرة

قصص قصيرة معبرة 2

معالجة المشكلات السلوكية عند الأطفال والطلاب

قصص قصيرة مؤثرة

الإدارة الصفية: 7 مقالات في الإدارة الصفية

إختر مهنتك: تعرف على المهنة التي تناسبك من بين جميع المهن

استراتيجيات التدريس دليل المعلم للتعلم النشط

مراهقون: مشاكل المراهقين وأساليب التعامل معهم

تربية الأبناء والطلاب

مواضيع حول التنمية البشرية وتطوير الذات

أيضاً وأيضاً

قصص وحكايات

الغزل: أبحاث ومقالات عن شعر الغزل العذري والإباحي في كل العصور

شعراء: نبذة عن حياة شعراء عرب في كل العصور

الطاقة: مقالات وأبحاث عن الطاقة بكل أنواعها

تلوث ونفايات: مقالات وأبحاث حول تلوث البيئة والنفايات

كوارث طبيعية: مقالات وأبحاث عن الزلازل والبراكين والفيضانات وغيرها

مسلسلات: نقد وتحليل مسلسلات عربية وتركية

المصدر: 1

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق