تزوج الأبناء الثلاثة،
ومات الزوج وبقيت العجوز الثرية وحيدة فريدة تتحسر على أيام السعادة والهناء، وبالرغم
من قوتها وثرائها إلا أن الأبناء أخذتهم مشاغل الحياة ومتطلباتها فكانوا يزورون أمهم
لماماً مما أزعج الوالدة وقضّ مضجعها، فأرادت امتحان الأبناء لترى مَن يتولى
رعايتها عندما تخور قواها ويشتدّ عجزها.
قصدت كبيرهم واستضافته
قائلة: الليلة سأبيت عندكم يا أحبتي فأتسلى مع الأحفاد وأتلذذ بطعامكم الشهي، فقالوا
لها على الرحب والسعة.
أمضت النهار تُلاعب الصغار وتقصّ عليهم الروايات
وتنشد لهم الأشعار وهي ضاحكة مستبشرة، وعند المساء قالت : أريد أن أنام على التخت
في غرفة نومكما، فوافقت الكنّة بتأفف وانزعاج.
عند الصباح أفرغت قليلاً من ماء الشرب على
الفرشة وادّعت أن تبوّلها لا إرادياً معتذرة متأسفة عن الحال الذي وصلت إليه.
امتعض الابن وولولت الكنّة وتنفّسا
الصعداءعندما غادرت
منزلهم .
قصدت الابن الاوسط وعملت نفس الشيء عنده
ولاقت الويل والثبور وعظائم الامور.
ذهبت إلى بيت أصغرهم، وعندما علم هو
وزوجته بتبولها وتأسفها، أخذا يخففان عنها ويروّحان عن نفسها وأن هذا شيء طبيعي
عند كبار السن، وأخبراها ألا تهتم ولا تُعير بالاً لهذه الأشياء البسيطة، وأنهما
سيغسلان الفرشة وكأن شيئاً لم يكن...
بعد يومين أعدّت الأم لابنائها وعيالهم عشاءً
مما لذ وطاب من الماكولات والحلويات وقالت لهم: أبنائي أحبائي، إنني لم أتبول على
فراشكم، وهذا ماء نظيف سكبته قصداً عمداً لأرى ردة فعلكم، وقد رسبتم في الامتحان إلا
صغيركم وزوجته الفاضلة، فكيف بكم إذا صار الحلم حقيقة والخيال واقع؟ وشتان بين
البر والعقوق!
ثم صارت تُغدق على الصغير وزوجته وأبنائه من
مالها الخاص الذي ورثته عن أهلها لأنها تيقنت أنه سيخدمها عند العجز، فاغتاظ الكبيران
وزوجتاهما وعضّوا بنان الأكف ندماً...!
الأستاذ
جهاد دكور: https://www.facebook.com/profile.php?id=100015337269938
إقرأ أيضاً
للمزيد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق