كنت في الخامسة من عمري
عندما خَطَّطَت العائلة لقضاء يوم من أيام الصيف المشمسة في أحد المسابح في منتجع
قريب منّا، لم أنمْ تلك الليلة من شدة السعادة، وصرت أتخيل نفسي وأنا أتراشق الماء
مع إخوتي وأترابي أو أتسابق معهم حول حافة المسبح ثم أقفز في الماء...
وصلنا إلى المسبح في
اليوم التالي، وأخذ كلٌ مكانه، ووزّعت والدتي المهام لتجهيز الغذاء في موعده،
ولبسنا ثياب السباحة، وعرضنا ألعابنا، أما والدي فقد أخذ كعادته زاوية وجلس على
كرسيه قريبًا من حوض السباحة، يقرأ جريدته وينفث دخان نارجيلتة.
وما إن اقتربتُ أنا من حافة المسبح، حتى
أطلق والدي صرخة مُدَوِّيَة جمّدت الدم في عروقي قائلاً: "أتريد أن تغرق، ألا
تدرك خطورة الماء، ألم تسمع عن الذين غرقوا هنا، إياك إياك والماء... أنا جئت هنا
لأرتاح، أتريدون أن تفسدوا نهاري، لا بل لقد أفسدتموه وأثرتم غضبي"، ثم قال
موجهًا الكلام إلى أمي: "الحق عليك أنت، يجب أن تنتبهي للأولاد وأن لا تدعيهم
يقتربون من الماء". أما أنا فقد ارتميت في حضن أمي وأنأ أرقب الصراخ والشجار
برعب وخوف...
ومن يومها لا أجرؤ على الاقتراب من الماء،
وعندما يُخَطِّطُ أصدقائي لقضاء يوم على البحر أو النهر أو في المسبح، فإني أختلق
الأعذار لعدم مرافقتهم.
إقرأ أيضاً
للمزيد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق