كان هناك سيدة عجوز تعمل في بيع السمن، وكانت معتادة
كل يوم أن تحضر وعاء السمن وتحمله على رأسها حتى تصل إلى السوق التجاري في القرية
ثم تقوم ببيعه هناك، وفي أحد الأيام استوقفها رجل من الأثرياء كان يمر في السوق وقال
لها: ماذا تبيعين أيتها العجوز؟ قالت: أبيع السمن، فرد عليها بتكبر وتعالٍ: من
النوع الجيد أم من المغشوش؟ ردّت العجوز: أنا لا أبيع المغشوش أبدًا يا سيدي،
فالذي هو أعظم مني ومنك يراني، ضحك الرجل وقال لها: أرِني ما لديك.
قالت العجوز: تفضل يا سيدي، وبينما هي تُنزل وعاء
السمن عن رأسها، طارت بعض القطرات منه على ثياب الرجل، فظل ينهر في المرأة ويوبخها
على سوء صنيعها، وجعلت المرأة تستسمحه وتتأسف له، ولكنّ الرجل كان مصمماً على
إهانتها، فجعل يقول هل تعلمين ما هي قيمة هذا الثوب إنه من النوع الغالي ولا
تقدرين أبدًا على دفع ثمنه، وظل ينهرها بصوت عالٍ حتى تجمع الناس في السوق من
حولها، وقال لها: لن أغادر مكاني حتى تعطيني ثمن هذا الثوب، فقالت: وكم ثمنه، قال:
ألف دينار، صعقت المرأة، وظلت تترجاه والناس من حولها أن يعفو عنها إلا أنه كان
مصمماً أن لا يبرح مكانه حتى تدفع.
وبينما
هذا الصراع قائم كان هناك شاب يراقبه من بعيد وفجأة نادى على الرجل الغني وقال له:
أنا أعطيك الألف دينار عنها، فشكرته المرأة وقال له الرجل: وأنا قبلت، وأخذ من
الشاب الألف دينار وقال للمرأة في تكبر لا أريد أن أراك مرة أخرى هنا في السوق وهمَّ
بالانصراف.
فقال
له الشاب: انتظر، فالتفت الرجل: ماذا تريد، قال الشاب أريد الثوب الذي دفعت ثمنه،
فقال الرجل: كيف، قال الشاب: الآن أريده إنه ثوبي وقد اشتريته أمام هذه المارة
والباعة، فقال الرجل: دعني انصرف إلى البيت وأعود لك بالثوب، فقال الشاب: لا،
أريده الآن إنه ثوبي، فقال الرجل: هل تريد أن تفضحني في السوق، فقال الشاب: لقد
سبقت وفعلتها مع المرأة وفضحتها وسط العامة، فّهِمَ الرجل ما يريده الشاب، فقال
له: إذًا أرد عليك مالك، قال الشاب: لا إنه ثوب غالٍ ولا أبيعه أبدًا بألف، فقال
الرجل ولكني أخذت منك ألف، فقال الشاب: أنا لن أبيعه بألف أبدًا فهو ثوبي وأنا حر
فيه، فقال الرجل: بكم تبيعه، قال الشاب: بألفي دينار، نظر الرجل حوله فوجد الجميع
ينظرون له، ففهم أنه وقع في الفخ الذي حفره للمرأة، فقال للشاب: فزتَ عليّ وبعت
الألف بألفين، وأعطاه المال، فقام الشاب بإعطاء الألف دينار للمرأة وقال لها: هو
حقك أنت، شكرته المرأة وشكره جميع من بالسوق على حسن صنيعه وتأديبه لهذا الأحمق
المتكبر.
مواضيع
تهم الطلاب والمربين والأهالي
قصص
للأطفال وحكايات معبّرة
للمزيد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق