وفَدَ على عمر بن عبد العزيز بريدٌ من بعض الآفاق،
فانتهى إلى بابِ عمر ليلاً، فقرع الباب، فخرج إليه البوّاب، فقال: أعلِمْ أميرَ
المؤمنين أنَّ بالباب رسولاً من فُلانٍ عامِله، فدخل فأعلم عمر - وقد كان أراد أن
ينام - فقعد، وقال: ائِذْن له!! فدخل الرسول فدعا عمر بشمعة غليظةٍ فأجّجَت نارًا،
وأُجلِسَ الرسول، وجلس عمر.
فسأله عن حال أهل البلد ومن بها من المسلمين وأهل
العهد، وكيف سيرةُ العامل؟!! وكيف الأسعارُ؟!! وكيف أبناءُ المهاجرين والأنصار،
وأبناءُ السبيل والفقراء؟!! وهل أعطى كلَّ ذي حقٍّ حقَّه؟!! وهل له شاكٍ؟!! وهل
ظَلَم أحدًا؟!!
فأنْبَأهُ
بجميع ما عَلِم من أمرِ تلك المملكة، يسأله فيُحفِي السؤال، حتى إذا فَرَغَ عمر من
مُسَألته قال له: يا أميرَ المؤمنين، كيف حالك في نفسك وبَدَنك؟!! وكيف عِيالك
وجميع أهل بيتك ومن تُعنى بشأنه؟!!
فنفخ
عمر الشمعة فأطفَأها بنفخته، وقال: يا غلام، عليَّ بسراجٍ، فأتى بفَتِيلةٍ لا
تكادُ تضيء، فقال: سَلْ عما أحببتَ، فسأله عن حاله، فأخبره عن حال ولده وأهل بيته.
فعجب
البريدُ للشمعة وإطفائِه إيَّاها، وقال: يا أمير المؤمنين، رأيتك فعلتَ أمرًا ما
رأيتُكَ فعلتَ مثله!! قال: وما هو؟!! قال: إطفاؤك الشمعة عند مسألتي إيَّاك عن
حالك وشأنك. فقال: يا عبدالله، إن الشمعةَ التي رأيتَني أطفأتـُها من مال الله
ومال المسلمين، وكنت أسألُك عن حوائجهم وأمرهم، فكانت تلك الشَّمعةُ تَقِدُ بين
يديَّ فيما يُصلحهم، وهي لهم. فلمَّا صِرتَ لشأني وأمْرِ عيالي ونفسي أطفأتُ نار
المسلمين .
مواضيع
تهم الطلاب والمربين والأهالي
قصص
للأطفال وحكايات معبّرة
للمزيد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق