ولد "أليكساندر سيلكرايغ" عام 1676 في قرية
إسكتلندية صغيرة يجني سكانها قوت يومهم من صيد الأسماك، وعُرِف عنه سوء السلوك
والتهور، الخصلتان اللتان أوقعتاه في مشكلة أدت في نهاية الأمر لنشوب خلاف بينه
وبين أخيه وأبيه ما دفعه لتغيير إسمه الأخير من "سيلكرايغ" إلى "سيلكيرك"
وإلى مغادرة إسكتلندا على متن سفينة «قرصنة تفويضية» –القرصنة التفويضية هي ترخيص
كانت الحكومة البريطانية تمنحه لمجموعة من الأفراد بهدف قرصنة سفن العدو الإسباني
في عرض البحار والمحيطات–. كانت تلك السفينة متوجهة نحو أمريكا الجنوبيّة.
لم تناسب "سيلكيرك" الحياة على متن سفينة
القرصنة إذ أن عدم كفاية المؤونة وانتشار الآفات والعفن، بالإضافة لتفشي مرض
الأسقربوط والزحار سببت حدوث انشقاقات في صفوف الطاقم، وما زاد الأمر سوءاً هو موت
ربّان السفينة (تشارلز بيكيرنغ) واستلام (توماس سترادلينغ) قيادة السفينة من بعده.
لم
يكن (سترادلينغ) محبوباً بين أفراد الطاقم بل إنه تعرض للعديد من التهديدات بتنفيذ
انقلاب عليه، وقد كانت العلاقة بين "سيلكيرك" و(سترادلينغ) عدائيّة
الطابع، فقد كان كِلا الرجلين ذي مزاج حاد ومتقلب، وانتهى الأمر بتمرّد (سيلكيرك).
فحين
رست سفينتهم على أحد شواطئ الجزر غير المأهولة في شمالي المحيط الهادئ؛ أعلن "سيلكيرك"
أنه لن يصعد مجدداً على متن السفينة بحجة أنها متهالكة ولن تصمد في عرض البحار،
معتقداً أن تمردّه هذا سيشجّع باقي أفراد الطاقم على العصيان والتمرد فيحدث
الإنقلاب ويصبح هو ربّاناً للسفينة، لكنه فوجئ بأن أحداً لم يسانده، ونتيجة لذلك؛
تراجع عن موقفه وأراد أن يصعد على متن السفينة مجدداً، لكن كان لـ(سترادلينغ) رأيُ
آخر، فرفض الأخير عودة "سيلكيرك" للسفينة بالرغم من توسلّه إليه،
وانطلقت السفينة في النهاية تاركة خلفها "سيلكيرك" بصحبة بعض المؤونة
وكتاب إنجيل.
بقي
"سيلكيرك" وحيداً على الجزيرة يُرفّه عن نفسه بالغناء وقراءة الإنجيل
والدعاء، واستمر على هذه الحال لمدة سنتين إلى أن استُجيب لصلواته –أو على الأقل
هذا ما اعتقده–، ففي أحد الأيام رست سفينتان على شاطئ الجزيرة وأسرع "سيلكيرك"
راكضاً نحوهما لكنه ما لبث أن بدأ يركض في الاتجاه المعاكس، فقد كانت السفينتان
تابعتين للقوات الإسبانية المعادية، وشرعتا في إطلاق النار عليه. في نهاية الأمر
لاذَ "سيلكيرك" بالفرار وغادرت السفينتان ليعود بعدها للغناء والدعاء.
لم
يتم إنقاذ "سيلكيرك" إلا بعد سنتين وأربعة أشهر من حادثة السفن
الإسبانيّة، وكان إنقاذه على يد (وودز رودجر)؛ رُبّان سفينة قرصنة تفويضية أخرى.
قصّ
"سيلكيرك" حكايته على (رودجر) الذي قام بذكر القصة لاحقاً في كتابه
«رحلة بحريّة حول العال»، وقد شكلتْ تلك القصة قاعدة حيك منها العديد من الكتب والروايات
التي استُلهمت من حياة "سيلكيرك"، مثل رواية (روبنسون كروزو).
يبدو
أن "سيلكيرك" ربح كل شيءٍ في نهاية المطاف، فبالإضافة إلى الكتاب
المأخوذ عن حياته، والذي درّ عليه أرباحاً طائلة، دون أن ننسى الشهرة التي حصل
عليها، وعودته إلى مسقط رأسه رجلاً غنياً ناجحاً، فقد علِم لاحقاً أن نبوءته بشأن
سفينة (سترادلينغ) قد تحققت، إذ أن السفينة غرقت بمن عليها فيما عدا سبعة أشخاص
و(سترادلينغ) الذي تُرك ليتعفن في إحدى الزنزانات.
لم
يُمض "سيلكيرك" وقتاً طويلاً في منزله، فتلك الحياة لم تعد تناسبه وقرر
العودة إلى البحر فعمل كمساعد أول لربّان سفينة، لكنه ما لبث أن أصيب بالحمى وتوفي
في عام 1721، أي بعد ثمانية أعوام من إنقاذه.
مواضيع
تهم الطلاب والمربين والأهالي
قصص
للأطفال وحكايات معبّرة
للمزيد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق