في سنة 1972، كان (كانيسا) طالب طبٍّ بعمر التاسعة
عشرة، يرافق فريق (الركبي) خاصته في رحلة من الـ(أوروغواي) للالتحاق بمباراة بالقرب
من (تشيلي)، وللذهاب إلى هناك، كان ينبغي عليهم السفر جواً بطائرة صغيرة فوق جبال
(الأنديز) الوعرة، لكن بعد المرور بعدة اضطرابات حادة، ارتكب الطيار خطأ وبدأ
بتخفيض ارتفاع الطائرة، وخلال بضعة ثوانٍ، ارتطمت الطائرة بقمة جبل مغطاة بالثلج.
كان (كانيسا) واحداً من القلة التي نجت من تحطم رحلة
الخطوط الجوية العسكرية الأورغوايانية 571، حيث مات العشرات من المسافرين، كما
أصيب الكثيرون بإصابات متفاوتة الخطورة بين كسور في العظام، أو استقرار شظايا من
الحُطام في أجسادهم، وبعد عدة أيام توفِّيَ المزيد من المسافرين بسبب تعرضهم
للتجمُّد جراء الحرارة المنخفضة في الجبال، أو متأثرين بجراحهم، وفي إحدى الليالي،
أدى انهيار ثلجي إلى وفاة ثمانية أشخاص ناجين آخرين.
قام (كانيسا) والآخرون
بفعل كل ما كان بوسعهم لاستغلال العناصر المتاحة
ليبقوا على قيد الحياة، حيث قاموا بصنع بطانيات من أغطية مقاعد الطائرة، واستخدموا
الألومنيوم لإذابة الثلوج لإتاحة ماء الشرب، لكنَّ الشيء الوحيد الذي لم يستطيعوا
الحصول عليه هو الغذاء، وبسبب يأسهم، قرروا التحوُّلَ إلى المصدر الوحيد من الغذاء
المتاح لهم: أجساد أصدقائهم الموتى!
عانى
(كانيسا)، كالكثير من الناجين الآخرين، من فكرة تناول اللحم البشري، فيقول: "كان ذلك قاسياً جداً،
فمك لا يريد أن يُفتَح لأنّك تشعر بالبؤس والحزن حيال ما عليك القيام به"، لكن على ما يبدو فإنَّ (كانيسا) ورفاقه قد
استراحوا أكثر لفكرة أنه عليهم أن يكونوا على استعداد للتضحية بأجسادهم إن لزِمَ
الأمر، ووفقاً لـ(كانيسا): "لقد
عقدنا اتفاقاً يتضمن أنَّه في حال وفاتنا، سنكون سعيدين لوضع أجسادنا في خدمة بقية
الفريق".
خلق
تناول أجساد المتوفين إحساساً عميقاً بالروابط الروحانية بين الناجين، ليس لأولئك
الناجين أنفسهم، وإنما أيضاً للموتى الذين سمحت تضحيتهم باستمرار حياة البقية.
أعطى
قرار تناول أجساد بعضهم البعض، بالنسبة لـ(كانيسا)، قُوتاً روحياً بالإضافة إلى
التغذية البدنية أيضاً، فيُشير: "فأشعر أنني قد شاركت قطعة من أصدقائي، ليس
فقط كمادة ملموسة وإنما كأمر روحيٍّ، لأنَّ رغبتهم في الحياة قد انتقلت إلينا عن
طريق أجسادهم.“
عزى
(كانيسا) الفضل في نجاته إلى رغبته في البقاء على قيد الحياة، كما أنَّ الغذاء
الذي وفرته أجساد القتلى قد قدَّم سنداً له ولاثنين من رفاقه في الشروع في رحلة
طويلة في الجبال لإيجاد المساعدة.
سارَ
الرجال لمدة 10 أيام في درجات حرارة تحت درجة التجمد قبل أن يجدوا المساعدة في
النهاية.
نجا
16 شخصاً فقط شخصاً من الـ45 المسافرين على رحلة الخطوط الجوية العسكرية
الأورغوايانية، من محنةٍ امتدت لشهرين في الجبال.
عُرفت
قصة نجاتهم هذه باسم "معجزة
في جبال الأنديز"،
وألهمت العديد من الكتب والأفلام، بما في ذلك فيلم "على
قيد الحياة" (alive)، وفيلم "حب البقاء" (survive).
حمل
روبيرتو (كانيسا) تجربته خلال مهنته كطبيب أمراض القلب لدى الأطفال، حيث يقول:
”هذا انتقامي من الموت، أنا أقول للأم: لديك جبل ضخم لتتسلقيه، قد كنت هناك من
قبل، لكن السعادة... التي تنتظرك في الطرف الآخر لا تُوصَف".
المصدر 1: شادي https://dkhlak.com
تابعونا على الفيس بوك
مواضيع تهم الطلاب والمربين والأهالي
قصص للأطفال وحكايات معبّرة
للمزيد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق