أُصيبت الطفلة الصغيرة "فايوليت جيسوب" بمرض
السل القاتل، حيث قال الأطباء أن حالتها مستعصية ولا يمكن النجاة منها، لكنها
أثبتت أنهم كانوا على خطأ ونجت منه بالفعل، ولاحقاً شغلت "جيسوب" وظيفة
على متن السفينة التجارية العملاقة الـ"أوليمبيك"، السفينة الفاخرة التي
تقدم خدمات لا يتحمل تكاليفها إلا الأغنياء وذوي النفوذ، وكانت أكبر سفينة تجارية
آنذاك...
وفي خريف سنة 1911، غادرت الـ"أوليمبيك"
الميناء في "ساوثهامبتون" واصطدمت ببارجة حربية بريطانية، وهي سفينة الـ"هاوك"،
لم تسفر الحادثة عن أية قتلى على الرغم من الضرر البليغ الذي أحدثته، إلا أن
السفينة تمكنت من العودة بسلام إلى الميناء دون أن تغرق.
بعد
تجربتها هذه التي أوشكت فيها على الهلاك غرقاً، كان الجميع ليتوقع أن تتخلى "جيسوب"
عن وظيفتها على متن السفن التجارية العابرة للمحيطات، غير أنها بعد سبعة أشهر فقط
من تلك الحادثة، عادت إلى العمل مع خطوط النجمة البيضاء البحرية، وهذه المرة على
ما كان يروّج له على أنه سفينة منيعة من الغرق، إنها سفينة الـ"تايتانيك".
صعدت
"جيسوب" على متن سفينة "التايتانيك" لتشغل منصب مضيفة قبل
أربعة أيام فقط من اصطدام السفينة الشهير بالجبل الجليدي، وذكرت في مذكراتها بأنها
أٌمرت بأن تصعد إلى سطح السفينة لتكون مثالاً يحتذى به في الإنضباط وتمالك النفس
زمن الكارثة، كما أٌصدرت إليها تعليمات بأن توضح لغير الناطقين بالإنجليزية كيفية
التصرف، حيث لم يكن بوسعهم فهم التعليمات الموجهة إليهم شفوياً.
شاهدت
"جيسوب" كذلك كيف كانت تتم تعبئة قوارب النجاة، وفي نهاية المطاف تمكنت
من الصعود على متن واحد منها، وبعد أن قضت ليلة متجمدة كاملة على متن أحد هذه
القوارب، تم إنقاذ "جيسوب" والناجون الآخرون على يد السفينة التجارية "كارباثيا".
في
سنة 1916، وخلال الحرب العالمية الأولى، عمدت خطوط النجمة البيضاء البحرية إلى
تحويل بعض سفنها إلى مستشفيات عائمة، وكانت إحدى هذه المستشفيات العائمة سفينة الـ"بريتانيك"
لخدمة الصحة العسكرية والإنسانية، التي عملت على متنها "جيسوب" كمضيفة
لفائدة الصليب الأحمر البريطاني.
في
صباح يوم الواحد والعشرين من شهر نوفمبر من نفس السنة، غرقت سفينة الـ"بريتانيك"
في بحر "إيجه"، بفعل انفجار غامض لم يُعرف سببُه.
استغرق
غرق سفينة الـ"بريتانيك" حوالي 57 دقيقة فقط، وأسفرت عن مقتل 30 شخصاً
وكادت تودي بحياة "جيسوب" كذلك، وعندما كانت السفينة تغرق وتغوص في
المياه، كانت شفرات محركها لا تزال تدور مما تسبب في سحب قوارب النجاة القريبة
إليها نحوها، قفزت "جيسوب" من قارب النجاة الذي كانت فيه وسبحت بعيداً
لكنها تلقت إصابة بليغة على مستوى الرأس في خضم ذلك.
بعد
نجاتها من حوادث غرق ثلاث سفن، توقع الكثيرون أن تتقاعد "فايوليت جيسوب"
من عملها في البحار، غير أنها بعد توقف وجيز عادت إلى العمل لصالح خطوط النجمة
البيضاء البحرية في سنة 1920، وثم لاحقاً لصالح خطوط النجمة الحمراء.
وخلال
آخر سنوات عملها في البحر، كانت "جيسوب" قد حققت رحلتين بحريتين حول
العالم وزواجاً لم يدم طويلاً قبل أن تتقاعد لتكمل بقية أيام حياتها في "سوفولك"،
حيث وافتها المنية هناك عن عمر ناهز الثلاثة والثمانين عاماً.
مواضيع تهم
الطلاب والمربين والأهالي
قصص للأطفال
وحكايات معبّرة
إقرأ أيضاً
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق