كان
في مدينةِ حلَب أميرٌ ذكيٌّ فطِنٌ شجاعٌ اسمه "علي بن مُنقِذ الكناني"
الملقب بـ «سديد الملك» صاحب قلعة شيزر، وكان موصوفًا بقوة الفطنة، وكان أمير حلب
وقتها "محمود بن مرداس"، وكان «سديد الملك» من المقربين عنده.
حدثَ
خلافٌ بين الأميرِ وسديد الملك "علي بن منقذ"، ففطِن عليٌ إلى أنّ
الملكَ سيقتله، فهرَبَ مِن حلَبَ وراح إلى طرابلس الشام.
فطلب
الملكُ من الكاتبِ أن يكتبَ رسالةً إلى عليِّ بنِ مُنقذ، ويطمئنُهُ فيها ويستدعيه
للرجوعِ إلى حلَب ويصف له شوقه اليه.
وكان
الملوك يجعلون وظيفةَ الكاتبِ لرجلٍ ذكي، حتى يُحسِنَ صياغةَ الرسائلِ التي
تُرسَلُ للملوك، وكان كاتبه اسمه ابن النحاس الحلبي وكان صديقاً لسديد الملك.
شعَرَ الكاتبُ بأنّ الملِكَ ينوي الشرَّ بـ "علي بن مُنقِذ الكناني الملقب بسديد الملك"، فكتب له رسالةً تصف شوق الأمير، ولكنه كتبَ في نهايتها: "إنَّ شاء اللهُ تعالى"، فشدد النون وفتحها!
شعَرَ الكاتبُ بأنّ الملِكَ ينوي الشرَّ بـ "علي بن مُنقِذ الكناني الملقب بسديد الملك"، فكتب له رسالةً تصف شوق الأمير، ولكنه كتبَ في نهايتها: "إنَّ شاء اللهُ تعالى"، فشدد النون وفتحها!
فلما
وصل الكتاب إلى «سديد الملك» عرضه على صاحب طرابلس ومَنْ بمجلسه مِنْ خواصه،
فاستحسنوا عبارة الكتاب واستعظموا ما فيه من إيثار صاحب حلب لقربه، فقال سديد
الملك: إني أرى في الكتاب ما لا ترون، فأدرك ابنُ مُنقِذٍ «سديد الملك» أن الكاتبَ
يُحذِّرُه وهو يشدِّدُ النون، ويذكّره بقولِ الله تعالى: "إنّ الملأَ يأتمرون
بك ليقتلوك".
فردّ
علي بنُ منقِذٍ عن الكتاب بما اقتضاه الحال من شكر الأمير على أفضالَه ويطمئنُه
على حاله ويشكره على ثقتِهِ الشديدةِ به، وختمها بعبارة: «إنّا الخادمُ المُقِرُّ
بالإنعام»؛ وكسرَ الهمزةَ من (أنا) وشدَّد النون.
فلما
وصل الكتاب إلى صاحب حلب ووقف عليه الكاتب ابن النحاس سُرَّ بما فيه، وفطِن الكاتب
أنّ ابنَ مُنقِذٍ يقصد قول اللهِ تعالى: "إنّا لن ندخلَها أبداً ما داموا
فيها"، وقد علِمَ الكاتب ابن النحاس أنّ ابنَ مُنقِذٍ الملقب بسديد الملك لن
تخفى عليه هذه الإشارة وأنه لن يعودَ إلى حلَبَ في ظلِّ وجودِ الأميرِ "محمود
بن مرداس".
ولذلك
فإننا دائمًا نقولُ للموضوع الذي فيه شكٌّ وسوءُ نية: "الموضوع فيه إنَّ"...
أو "الحكاية فيها إنَّ"...
تابعونا على الفيس بوك
مواضيع تهم الطلاب والمربين والأهالي
قصص للأطفال وحكايات معبّرة
إقرأ أيضًا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق