ما إنْ خَطتْ الرافعةُ نحو
السيارةِ البنيّةِ الجميلةِ وأمسكتها بيديها حَتى سمعَتْ الدراجةَ الصغيرةَ تقولُ
لصاحبتِها التي تقفُ إلى جوارِها بساحةِ انتظارِ الدراجاتِ:
- يا لها من قاسيةٍ، بلا
قلبٍ، ستفسدُ طلاءَها الجميلَ.
هزَّتْ الدراجةُ الأخرى
رأسَها مؤيدةً كلام صديقتِها، وقالت:
حقاً.. إنّها آلةٌ بلا
مشاعرٍ.
تجمدَّتْ الرافعةُ في
مكانِها للحظاتٍ، وألقت بنظرةِ لومٍ وعتابٍ ناحيةَ الدراجتين، فما أقسى أن يتهمك
أحدٌ وأنت بريء.
مسحَتْ الرافعةُ دمعةً
تجمدَّتْ بعينها، وتأملت العرقَ الذي غطى جبين السياراتِ التي اكتظ بها الطريقُ،
وأشفقت عليها من حرارةِ الشمسِ الساخنة.
فجنبت كلامَ الدراجتين
الصغيرتين، وأكملت بهمةٍ ونشاطٍ عملها.
رفعت السيارةَ البنيةَ
المتعطلةَ عن الطريقِ، وحملتها بعيداً عن طريقِ السياراتِ، فانطلقن فرحاتٍ
مهللاتٍ، وألقين تحيةَ تشجيعٍ إلى الرافعةِ على ما قامت به من عمل.
ردت الرافعةُ التحيةَ،
قائلةً بخجلٍ:
- لا شكرَ على واجبٍ، أنا
فقط أقومُ بعملي.
وواصلَتْ طريقَها لترفعَ
التعدياتِ والمخلفاتِ التي قد تعيق طريقَ المارةِ أو السياراتِ.
وبعد أن انتهَت من عملِها
واطمأنت على نظافةِ الطريقِ، واطمأنت على رفعِ القمامةِ والمخلفاتِ والسياراتِ
المتعطلةِ، عادت إلى السيارةِ البنيةِ وحملتها من جديدٍ وسحبتها خلفها.
الدراجتان الصغيرتان
تابعاها بغضبٍ، وقالتا في صوتٍ واحدٍ:
- ألا تكتفي بإبعادِها
وتقشيرِ طلائِها؟
ثم عادَتْ إحداهُما
وأجابَت:
- يبدو أنَّها ستُسلمها إلى
الشرطةِ!
تعجبَت الرافعةُ من طيشِ
الدراجتين وتعجلهِما في الحكمِ على تصرفاتِ الآخرين دون بينةٍ، وواصلت سحبَ
السيارةِ خلفها حتى وصلت إلى ورشةِ تصليحِ السياراتِ.
في المساءِ كانت السيارةُ
البنيةُ سعيدةً باستعادةِ عافيتِها ورونقِها.
صحبَت صديقتَها الرافعةَ
وسارا معاً.
وحين شاهدتهما الدراجتان
الصغيرتان يسيران معاً، واستعادت السيارةُ البنيةُ طلاءَها البنيَّ الجميلَ، شعرتا
بالخجلِ.. وناديتا على الرافعةِ وتأسفتا لها على سوءِ ظنِّهما بها.
ابتسمَتْ الرافعةُ وقالَتْ:
- لا عليكما.. فمَنْ كانت مهمتُه الحفاظ على النظامِ، قد
يبدو قاسياً لبعض الوقتِ، لكننا سنحبُه ونحترمُه طولَ الوقتِ، لأنه يساعدنا على
الاستمتاعِ بحياتِنا في يسرٍ وأمان.
تابعونا
على الفيس بوك
مواضيع تهم
الطلاب والمربين والأهالي
قصص للأطفال
وحكايات معبّرة
إقرأ أيضًا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق