الصفحات

الأربعاء، 7 أغسطس 2013

• قصة ملهمة: الأخوة الثلاثة والحكيم


عاشَ في منزلٍ قريبٍ من المستنقع، ثلاثةُ إخوة، مع والدِهم، وكان جميعُهم يعرفُ أن العيشَ بالقربِ من المستنقعات سيئ جدًا: هذا ضارٌ بالصحةِ ومزعجٌ يضيقُ له الصدرُ.

قامَ الأبُ عندما أتاهُ الموتُ بجمع أبنائِهِ، وقالَ لهم:  اسمعوا يا أولاد! لابدّ لكمْ من الانتقالِ من هذا البيتِ إلى مكانٍ آخر. ليسَ لنا من المستنقع غيرُ الأوبئةِ والأمراضِ. ابنوا لأنفسكم بيتًا في مكانٍ ما على سفحِ الجبلِ، وهناك ستتحسن حالتكُم. ولكنَّ قبلَ البدءِ في هذا العملِ، اطلبوا المشورةَ من الشيخِ الحكيمِ الذي يعيشُ في الغابةِ.
مع مرورِ الزمنِ، رأى الإخوةُ أن والدهم كان على حق. يجبُ عليهم الرحيل بعيدًا عن المستنقعِ. تحدّثوا فيما بينهم، وقرّروا أن يذهبَ الأخُ الأكبرُ إلى الغابةِ للحصولِ على مشورةِ الحكيمِ: هَلْ يرحلونَ أم لا.
وهكذا وصلَ الأخُ الأكبرُ إلى الحكيمِ، وسأله:
- ماذا نفعلُ؟ أنفعل سوءًا، لو ابتعدنا عن المستنقعِ وقُمْنا ببناء منزلٍ على سفحِ الجبلِ؟ ماذا تقول؟
نعم تفعلون سوءًا - أجاب الحكيمُ، دونَ تَرْك عمله الذي كان منشغلاً به.
توقفَ هنا الأخُ الأكبرُ عن متابعة السؤال، وخفض رأسَه، وعادَ إلى منزلهِ حزينًا.
وفي المنزلِ، قام بنقل إجابةِ الحكيمِ إلى أخويه.
- وهل أخبرته عن تعاسةِ معيشتنا؟ - تساءل الأخُ الأوسطُ. سأذهب أنا وأشرحُ للشيخِ كيف نعيشُ.. وانطلقَ إلى الغابةِ.
- قُلْ لي، أيها المحترم، التفت إلى الحكيمِ: ماذا نفعلُ؟ ليس في مقدورنا الاستمرارَ في العيشِ قربَ المستنقعِ. أرهقتنا المصائبُ  والأمراضُ. وسأل بلهفةٍ: هل من المُجدي لنا الرحيل من هُناك؟ أنفعل سوءًا إذا بنينا منزلاً على سفح الجبلِ؟
- نعم تفعلون سوءًا - أجابَ الحكيمُ مرة أخرى.
وكذلك عادَ الأخُ الأوسطُ إلى المنزلِ حزينًا. وبالمثل استمعَ إليه أخواه.
- حسنًا، وماذا بعد، قال الأخُ الأصغرُ بمرحٍ - أظنّ الآنَ، على ما يبدو، قد أتى دوري للذهاب إلى الشيخ، وذهبَ إلى الغابة.
واقترب من الشيخِ الحكيم، انحنى الأخُ الأصغرُ له بكلِّ احترام، وجلسَ على جذع بالقربِ منه، وقال: يا أيها الشيخُ الحكيمُ! عند موتِهِ، أوصانا أبونا بالرحيلِ عن المستنقعاتِ، حيث تهاجمُنا الأمراضُ والأوبئةُ.
أنفعلُ خيرًا، إذا قُمنا ببناء منزلٍ على سفحِ الجبلِ؟ ما هي مشورتُك لنا؟
- نعم تفعلون خيرًا كبيرًا، يا بُني! أجاب الحكيم.
بَدَتْ للأخِ الأصغرِ كما لو أنّ أجنحةً نمَتْ له من شدةِ الفرحِ، أعربَ عن شُكْرهِ للشيخِ الحكيمِ وجرى مسرعًا إلى البيتِ، حيث كان ينتظرُه بفارغِ الصبرِ أخواه.
- يا إخوان! صرخَ الأخُ الأصغرُ. لقد قال الحكيمُ إنه سيكون جيدًا للغاية إذا قُمنا ببناءِ منزلنا على سفحِ الجبلِ!
بينما الأخوان فتحا أفواههما من الدهشةِ.
- كيف ذلك؟ سألا معًا في وقتٍ واحدٍ. هل كان يسخرُ منا؟
وركضَ الإخوةُ الثلاثةُ في اتجاه الغابةِ.
- أيّها الشيخ الحكيمُ! قال الأخُ الأكبرُ: هل كنتَ تسخرُ منا أم ماذا؟ لماذا قلت لي ولأخي الأوسط إننا نفعلُ سوءًا إذا قُمنا ببناءِ منزلٍ على سفحِ الجبلِ، بينما قلتَ لأخينا الأصغرِ إننا نفعلُ خيرًا كبيرًا لو فعلنا ذلك؟
- لا، لم أقصدْ السخريةَ منكما، أجاب الحكيم. سألتماني: «أنفعل سوءًا إذا بنينا منزلاً على سفحِ الجبلِ؟ وسأل أخوكما الأصغر: «أنفعلُ خيرًا، إذا قمنا ببناء منزلنا على سفحِ الجبلِ؟». وأجبته: «ستفعلون خيرًا كبيرًا»! قلت له ذلك لأنه بدأ بكلمةِ «خير»، وأنتما بدأتما بكلمة «سوء». كيف للعمل أنْ يستمرَّ، إذا بدأناه بالخوفِ ظانّين بهِ ظنّ السوء؟ لابد من حسن الظنِّ! أضاف الحكيم.
شكرهُ الإخوةُ وذهبوا مجتمعين لبناء المنزلِ الجديدِ.
 تابعونا على الفيس بوك
إقرأ أيضًا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق