الجمعة، 11 مايو 2018

• قصة ملهمة: الصباغ الأرجواني أغلى من الذهب


اعتُبر اللون الأرجواني على مر العصور لونا "ملكيا" وكثيراً ما ارتبط بالعائلات الملكية والنبيلة والغنية والنافذة في المجتمعات القديمة، حتى أن الملكة "إليزابيث" الأولى أصدرت أوامرها بمنع أحد من ارتداء اللون الأرجواني إلا إذا كان فرداً ينتمي إلى العائلة الملكية، وما أدى في أصل الأمر باللون الأرجواني إلى هذه الرفعة والسمو هو تكلفته الباهضة التي ترجع إلى تلكفة الصباغ الذي يدخل في إنتاجه.

كان مصدر هذا الصباغ الباهض والمكلف مدينة "صور" التجارية التي كانت تقع في المملكة الفينيقية سابقاً وفي جنوب لبنان حالياً، وقد كان صُنَّاعُ الأنسجة هناك يستخلصونه من أحد أنواع الحلزونات البحرية صغيرة الحجم، التي تعيش فقط في "صور".
كانت عملية الحصول عليه تتطلب مجهودات جبارة، حيث أن غراماً واحداً من "أرجوان صور" كان يتطلب اصطياد 10 آلاف حلزونة، وبما أن الأغنياء والمنتمون إلى الطبقة الملكية فقط كان بإمكانهم تحمل تكاليف الحصول عليه، ارتبط اللون الأرجواني بالطبقات الملكية في روما ومصر وبلاد فارس من الممالك والحضارات القديمة، وأصبح حكراً عليهم.
كما ارتبط اللون الأرجواني بالروحانية ومُثُل القدسية لكون الأباطرة والملكات القدماء الذين ارتدوا هذا اللون كانوا يُعتبرون آلهة، أو من نسل الآلهة.
كان هذا الصباغ باهض الثمن ومكلفاً جداً، لدرجة جعلت حتى الملوك وحاشيتهم في بعض الأحيان عاجزين عن تحمل تكاليف اقتنائه، حيث عمد الإمبراطور الروماني "أوريليون" في القرن الثالث ميلادي إلى منع زوجته من اقتناء شال من قماش "صور" والحرير المصبوغ باللون الأرجواني الذي كان يطلق عليه "أرجوان صور" (Tyree Dye)، ببساطة لكونه كان باهضاً ويكلف ثمنه ثلاثة أضعاف وزنه ذهباً.
كان رطل واحد من صباغ أرجوان "صور" يكلف ثلاثة أرطال من الذهب، وبسبب ثمنه الباهض الذي تخطى عتبة المعقول، لم تتمكن حتى دول وأمم كاملة من تحمل تكاليف وضعه على أعلامها.
إلا أنه قبل قرن ونصف من زمننا الحاضر، استخلص الكيميائي الإنجليزي "ويليام هينري بيركين" بشكل عرضي مركب اللون الأرجواني الاصطناعي عندما كان يحاول صناعة مادة "الكينين" التي هي دواء مضاد للملاريا، ومنه لاحظ على الفور أنه بالإمكان استعمال المركب لصبغ الأنسجة، لذا سجل براءة اختراعه هذه، وبدأ بصناعة مركب الصباغ وأصبح فاحش الثراء في وقت قياسي.
ثم بدأت بعد ذلك عملية إنتاج اللون الأرجواني على مستوى واسع حتى يتمكن الجميع من تحمل تكاليف اقتنائه وارتدائه، وبعد مدة وجيزة من الانتاج الواسع لهذا اللون، توقفت طبقات النخبة من المجتمع من اعتباره قريناً للرفعة والرقي ولم تعد ترتديه، ثم زال تدريجياً ذلك الرباط الذي لطالما ربطه بالسمو والعلو... لكن الأرجواني يبقى اللون الملكي وله بهجة ورهجة في كل زمان ومكان
 تابعونا على الفيس بوك

مواضيع تهم الطلاب والمربين والأهالي
قصص للأطفال وحكايات معبّرة
إقرأ أيضاً

للمزيد                   

حدوثة قبل النوم قصص للأطفال

كيف تذاكر وتنجح وتتفوق

قصص قصيرة معبرة

معالجة المشكلات السلوكية عند الأطفال والطلاب

قصص قصيرة مؤثرة

مراهقون: مشاكل المراهقين وأساليب التعامل معهم

تربية الأبناء والطلاب

مواضيع حول التنمية البشرية وتطوير الذات


أيضًا وأيضًا

الطاقة: مقالات وأبحاث عن الطاقة بكل أنواعها                                         






ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق